توالي علي الكرة المصرية عشرات الألاف من اللاعبين والمدربين والاداريين منذ اكثر من 90 عاما حينما انطلاقت بطولة الكأس السلطانية عام 1917 كأول بطولة رسمية لكرة القدم المصرية, منهم من صنع الفرحة لملايين المصريين والقي بالسعادة في قلوبهم, ومنهم من صنع النجوم الذين التفت حولهم الجماهير التي تغنت بهم بل منهم من صُنعت لهم التماثيل.
من بين هؤلاء من كانوا أكثر تأثيرا علي كرة القدم المصرية وكانت لهم مواقف يقف امامها التاريخ شاهدا ولا يخطئهم وستظل اسمائهم محفورة في ذاكرته لان تأثريهم كان اكثر عمقا علي مسيرة الكرة المصرية, واذا كانت الجماهير تتذكرأسماء نجومهم المفضلين, فإن التاريخ لا يذكر سوي الزعماء والملوك الذي تأثر بهم.
ومع البحث في أهم شخصيات وأحداث العام الفائت، ربما يكون من الضروري أيضا إبراز إنجازات أهم من أثروا في تاريخ الكرة المصرية عبر التاريخ.
محمود الجوهري
يأتي محمود الجوهري المدير الفني الاسبق علي رأس ملوك الكرة المصرية ليس فقط لانه المدرب الذي اعاد منتخب مصر لنهائيات كأس العالم عام 1990 بإيطاليا بعد غياب استمر 56 بعد ان كادت الجماهير المصرية تفقد الامل في التأهل لتلك النهائيات بعد المرة الاولي عام 1934 التي كانت علي حساب منتخب فلسطين ولكن بسبب تعريف الكرة المصرية بالاحتراف.
الجوهري دخل قائمة الاكثر تأثيرا علي الكرة المصرية بمشروع الاحتراف الذي استحدثه عقب العودة من ايطاليا, ويؤرخ التاريخ للكرة المصرية الان بمرحلة ما قبل الاحتراف وما بعده بصرف النظر عن المأخذ التي اخذت علي هذا المشروع, ولاشك ان الكرة في مصر تأثرت تأثريا لا تخطأه العين والعقل ولا يخطأه التاريخ بقرار الجوهري عندما طبق نظام الاحتراف, وكانت بداية صناعة كرة القدم في مصر.
الجوهري ايضا كان اول من طبق احتراف تشجيع كرة القدم في مصر وجعلها مهنة عندما انتقي مجموعة من مشجعي كرة القدم وجعلهم من محترفي التشجيع واخذهم معه لايطاليا لمساندة المنتخب الوطني وبعدها انطلقت تلك المهنة تعرف طريقها لملاعب الكرة وهو امر لم يكن متعارفا عليه في الملاعب المصرية.
سمير زاهر
اذا كان الجوهري قد اطلق الشرارة الاولي لعالم احتراف كرة القدم في مصر وبداية لصناعتها, فإن سمير زاهر رئيس اتحاد الكرة هو اول من فعل تلك الصناعة عندما ابتدع بيع كرة القدم قبل ثلاثة سنوات باتخاذ قرار تسويق حقوق مباريات كرة القدم للقنوات الفضائية بعد ان كانت بلا صاحب وتترك مجانا, وقبله لم يكن احد يفكر أو يجرؤ حتي علي التفكير في بيع مباريات كرة القدم أو ما يسمي بـ " بيع الهواء".
قبل مشروع زاهر لم يكن لكرة القدم ثمنا, وكانت بضاعة مجانية لا تربح سوي الاف الجنيهات التي يمنحها التليفزيون المصري للاندية مقابل بث المباريات, حتي جاء زاهر واطلق مشروعه ليحصد اتحاد الكرة ملايين الجنيهات وفتح الباب امام الاندية لحصد ثمار الكرة وبدأت تلك الاندية تتذوق حلاوة طعم "الفلوس" وفتح بابا جديدا لتنمية موارد الاندية بطريقة غير تقليدية.
محمد لطيف
على الرغم من ان محمد لطيف كان ضمن أول منتخب مصري يلعب في نهائات كأس العالم بإيطاليا عام 1934, الا انه يدخل قائمة الكبار باعتباره اول من فتح مدرسة محو الامية الكروية حينما بدأ تعريف جماهير كرة القدم بقوانينها من خلال تعليقه علي المباريات.
وكان لطيف صاحب مدرسة في التعليق الكروي تخرج فيها عشرات المعلقين فيما بعد, وكان اول من ادخل الفكاهة في تعليقه, وسيذكره التاريخ بكل احترام لانه فتح عيون وعقول الجماهير علي قانون كرة القدم ويرجع له الفضل في في تثقيف الجمهور المصري.
الجوهري وزاهر
صالح سليم
قد يظل صالح سليم رئيس النادي الاهلي الراحل لسنوات طويلة هو القدوة في الادارة الرياضية بعد ان صنع دستورا غير مكتوب لفن الادارة في اكبر الاندية المصرية والافريقية, وستحتاج الكرة المصرية لعشرات السنوات حتي تجود بمثله وبقوة شخصيته الطاغية.
نجح صالح سليم أو "المايسترو" كما يحلو لمحبيه ان يلقبوه في تغيير صورة وشكل وجوهر رئيس النادي حتي اصبح المثل الاعلي الذي يتخذه روؤساء الاندية ومن ورائهم الجماهير, حتي ان جماهير النادي الاهلي العريضة تتذكره في أي محنة يواجهها ناديهم بعد رحيله.
اذا كان البعض يري ان مختار التتش رئيس النادي الاهلي الاسبق هو ناظر المدرسة التي تخرج فيها صالح, فإن "المايسترو" يبقي هو أنجب تلاميذ تلك المدرسة لانه نجح في تطبيق نظرية ادراة "التتش" في زمن اصعب واخطر وافسد.
تلقى صالح سليم دروسه الادارية داخل غرفة معقمة – اذا جاز التعبير – ولكنه طبق ما تعلمه في جو اكثر تلوثا بعد ان اضاف اليه الكثير من شخصيته القيادية القوية التي تأثرت بوالده د. سليم ورفع شعار المباديء في كرة القدم الذي مازالت تحتمي به ادارة الاهلي من بعده, وصنع لصورة رئيس النادي شكلا مغايرا لدرجة انه اصبح صاحب مدرسة جديدة في فن الادارة الرياضية, حتي ان الجماهير تعلقت به اكثر من نجومها.
حسين حجازي
يبقي حسين حجازي نجم الاهلي والزمالك الاسبق في صدارة قائمة أكثر اللاعبين تأثيرا على الكرة المصرية حتى مع اقترابها من إتمام 100 عام من العمر.
حجازي يعتبر اول نجم شباك حقيقي لدي لجماهير, فهو اول لاعب تتعلق به الجماهير كنجم كبير, ليس هذا فحسب, بل هو اول من اطلق شرارة الصراع الدائر حتي الان بين قطبي الكرة المصرية - الاهلي والزمالك – في " خطف " اللاعبين, حيث بدأ حياته الكروية ضمن صفوف النادي الاهلي ثم انتقل لنادي الزمالك, ثم عاد للنادي الاهلي واعتزل في نادي الزمالك بعد رحلة من التنقل بين الناديين الكبيرين.
كان حجازي أيضا هو أول لاعب يثبت نظرية ان النجم قد يكون اهم من الفريق والنادي حيث كان يتنقل بين الناديين ومعه جماهيره, وبعده توالي انتقال اللاعبين بين الفريقين بأزمات تستمر طويلا, وسيؤرخ له التاريخ بأنه اول من صنع شعبية كرة القدم في مصر.
محمود بدر الدين
الغريب في امر كرة القدم المصرية انها اطلقت اول بطولة رسمية منظمة عام 1917 بالكأس السلطانية, وانتظرت 31 عاما لتنظم اول بطولة دوري عام حينما انطلقت عام 1948 والتي تعتبر البطولة الاهم والاكثر شعبية واثارة ليس في مصر فقط بل في العالم.
ويتجاهل بعضهم أن المعلق الرياضي محمود بدر الدين كان اول من طرح فكرة بطولة الدوري العام ودرجاتها المختلفة وتشكيل مناطقها حتي اصبحت البطولة الاغلي.
فقبل بدر الدين لم يفكر احد في تنظيم بطولة للدوري العام بين الفرق المختلفة , وارتكن الجميع الي وجود بطولة كأس مصر التي نظمت لأول مرة عام 1921 حتي جاء بدر الدين ليطرح فكرة بطولة جديدة ومثيرة صنعت نجومية وشعبية العديد من لاعبي الكرة المصرية.
اذا كان هؤلاء قد اثروا في تاريخ كرة القدم في مصر, فأن هناك من ساهموا في شعبيتها ورفع جماهيريتها, وستظل الجماهير تذكرهم ولن يغيبوا عن الذاكرة الشعبية لدورهم الكبيرعلي مدار90 عاما "كورة"